قبل باريس باسبوعين

على مايبدو، تؤكد الإيميلات المتكررة، ورسائل التهنئة، مقابلات السفارة، ورقم حجز تذكرة عمان-باريس، ورصيد حسابي المتلاشي أنني سأغادر هذه البلاد قريباً، بالضبط خلال 16 يوماً!

أجمع قطع صغيرة من مختلف الأشخاص، منك خاصة، لكي أبقيهم معي، قربي، كتاب طملية، وشال، ونوتات أغنية موطني، وكتاب عن أصول الدين، وجزدان مطرز ورزمة من الصور، تصورت مع الجميع، إلا أنت، هي صورة وحيدة محفوظة في خزاتني أخاف من رؤيتها، وساعة، ورسائل، وشرشف نهدي باركته الأميرة النائمة، وقرآن، وشال، في حقيبتي المكدسة ذات الوزن الزائد المكلف.

مرة أخرى أعلق بلا رفيق، أشكك بنواي قبل التحدث معك، أخطط لجلسات لا تحصل، يتكلمون عن بعضهم البعض، أنا معزومة ولا لا. سيارتي تتهاوى، الزحمة خانقة،أهلي في غرفتي، وأنت لم تكلمني بعد.في تلك اللحظاتـ، تقول أمي بنبرتها المتعاطفة: هانت حبيبتي هانت. وأقول لنفسي هنيئاً للبداية الجديد في باريس.

موسيقى صاخبة في سيارتي، محتوى جنسي يهين كافة الممارسات الجنسية الشريفة، تمدني بجرعة كافيين أو بما هو الأقرب من الكوكاين السماعي. أتخيل نفسي أدب في شوارع باريس، في حفلات الكوكتيل الخاصة بالمحامين، وبفستاني الربيعي في إفطار لخبراء إقتصادين،  أرى نفسي أتخايل في عمان عند عودتي، فأسقط كلمات فرنسية في كلامي، فشخرةً مني، ميرسي عمو، ديسوليه موسيو، أتخيل ثقتي بنفسي المصطنعة،  وأقع في معضلة: متى بالزبط أغير مكان السكن على صفحتي الفايس بوكية، أعلق صورة في عقلي: أنا على بسكليت أبو سلة وشعري يتطايرمثل دعاية سانسيلك. أذهب لأقاربي لأثبت نفسي، أقف أمام عمان لأقول:هيني كبرت يا عرصات. تدفق هرمونات متسارع، تقف شعرات يدي. سأغدو صاحبة شهادة في القوانين الإقتصادية، أحد سكان باريس، وشعري مازال يتطاير. تتكتل ردودي المراهقة على صوت خلخلة قلبي، الصوت الذي سمعته في الحضانة، والتجمعات العائلية، في أحلامي، صوت الظلال التي تجسد الليل في عقلي حتى الان، فتنزل على شكل قطرات عرق في ظل تعطل نظام التبريد في سيارتي.

أنظر للقطع الصغيرة مرة أخرى، سأخوض قريباً نقاشات تكرر نفسها على لوحات طباعة بالية،  أرد لأروي حقيقة عدم وجود معنى حقيقي لكلمة الارهاب، حول تفاهة الخطاب الفيمنيست-ي، خاصة في الشرق الأوسط. عندي قرف! هذه النقاشات التي سأعلق بها في باريس، لا يوجد فلافل،  أوقطتي، أو من يبكي يومياً في تخته عند قراءة الأخبار، لا يوجد دريد لحام ولاصباح فخري،فش شب شب وضو، ولا حمام عربي، هناك أبتذال بلاستيكي أخاف أن أفقد نفسي داخله.

فقدت قدرتي على القراءة، أنا جائعة وذبابة التسي تسي تمنعني عن الطعام، أحتاج علماً إنسانياً ثائراً، الكلمات تواصل، إن كان لا منفذ من الوحدة فعلى الأقل لدي أمان القراءة ، هي تواصل. لماذا أدوخ من النظر بنفسي في المرآة، ما هو الهوس، ماذا فعل صلاح الدين، ما الذي يحدث في سوريا، هل تختفي قواعدالفيزياء، ماذا عن أسيا. أحتاج وقتاً للفهم، وإن فهمت أن أتذكر. أشعر ببطىء في عقلي، غيمة من التشويش، تحرص على وحدتي، تبعثر الكلمات، فأدوخ وأنا أجمعها.

هي حقاُ بداية جديدة، ستكون هي الأيام التي سأروي عنها القصص لأحفادي، قد يكون خوف من أنها هذه هي اللحظة، رفع الستارة، مع أنها مرفوعة من زمان، هي رواية جديدة، روائح جديدة ورؤوس شقراء، وقاعات مصقولة،  أشعر كطفلة تخاف من التيه في الزحام، الخوف طبيعي كذلك النوستالجيا، في عقلي شريط فيديو يعيد نفسه. سألمس كل شيئ، سأنغمس بجمال بني من دم.

لعل البربرية هي ما يزعجني، أحتاج أن أصرخ،قطعو قدم ست حامل، وأنا سأذهب لشراء سندويشة  “بول”قبل المحاضرة.

أنا في النهاية الحزينة للفصل، هناك لذة في النهاية، تراكم أحداث يجذب القارئ ، وعد للفصل القادم، أشعر بحزن وقلق، خوف وشوق، ضمني إلى حضنك، فإنهم يجمعون أن الوحدة مصيرنا الوحيد، وأنا أنكر.

العالم يتأزم وأنا أستفيد

نعيش في اقطاب مختلفة لقصص الديستوبيا، ففي عالم تأججت الهمجيه، وأصبح هناك المخلوقات الضعيفة في فقاعاتها والوحوش، بالمقابل هذه المخلوقات الفقاعية تعاني من كثرة معلومات رمى بها ببله أشبه بذاك من رواية أدولس هكسلي، فتلقب بوليتيكو المواطن الأمريكي صاحب الصوت بال’غبي’ وهو فعلاً يعاني من كثرة المعلومات السطحية.

اما انا في غرفتي، فإني لم أعرف البربرية يوماً، لم أبحث عن أشلاء في الركام واكبر مشاكلي الحالية هو ‘شهيتي الفاتحة’. سأسافر الشهر القادم للدراسة في دولة استعمارية سابقة، يعني في انتظاري وجبة أروبية كبيرة، لتتوج كافة مظاهر ‘الدولة الحديثة’ التي بكل بساطة تعد فستان أروبي لا يسع بلادي!

هناك حد واسع يصلنا بالهمجية، والهمجية أعني بها الخروج عن التحليل المنطقي، منطقتي هي فقاعة صغيرة بين مناطق تتلخص فيها الأهداف الريادية والإبداعية للفرد بالنجاة فقط.

عرض اليوم علي عمل في شركة إسمنت، راتب ممتاز، وعمل لدى شركة، لم أقبله لإنني سأسافر، لكن في المستقبل، هل سأقبله ؟ أحتاج النقود للعيش كأي إنسان أخر. لكنني سأقسم على اختيار العمل الذي يساعد من لا يعدون الحرب ازعاجاً لخطوط التجارة فحسب، عند تعدد الخيارات. الحقيقة هي أنني أخاف من نفسي، علي تذكير نفسي، قرص نفسي حتى لا أصبح من المتجاهلين.

أين سأعثر على تلك الحلول البراغماتية، وانا فقدت الأمل من أي منطق قد يحل على هذه النزاعات، ما بالنا وبال الحلول البراغماتية لما العراق وسوريا يصبحون كومة ركام يتعثر بها الناجون، سحقاً لمحاضرة العلوم السياسية والتحليل الاقتصادي، ياي، تحليل الحروب في ‘الفنون الليبرالية’ والدراسات الانسانية، التي بالكاد نعرف عنها شيء، بالنسبة لنا هي نصوص قديمة مرصوصة مترجمة برداءة.

للمسخرة، الفنون الليبرالية هي ما احيط نفسي به لكي أصل دائرة ‘المثقف’ و’الاستاذ’. إن كان هناك دعاء فهو أن يعطيني الرب دهاءاً كافياً لكي أرى الحقيقة، ‘ الشعوب المنكوبة ليست ببحث عن الحقيقة بل هي الحقيقة’ فرانز فانون. فالإقتصاد ليس بالسهل.

العار هو شعور ثوري بحد ذاته -ماركس

فرانشيز أبو العبد

3107febb8e44e8977e132cead4fab92f2c1171a4

“التعددية تعني تعدد الشركات “– مصطفى إبراهيم

مدينتي تمشي، قسمة ومسرحية، هناك جي دي بي يستعمل كمؤشر إقتصادي، وهناك الجي دي بي مقسم على الأفراد، لكنه ليس مؤشر حق لتوزيع الثرواث في الأردن. في الصباح تنشر عمون أخباراً عن تقدم الإقتصاد، بالطبع تستخدم مؤشرات لا تعكس الواقع، في العصر أجلس في مقهى عبدون-ي، لم أتمعن في عبدون منذ أيام المدرسة، أصبحت عبدون نسخة مصغرة عن أحد ضواحي سان فرينسيسكو، من أنوف مصممة من قبل محترفين إلى مشروبات أورغانيك، مدينتي أصبحت قرية باربي.

الملفت بالموضوع هو أن أبو العبد لساندويشات ما بعد السكرة لم يعد منافساً فقط لماكدولندز بل لرووم سيرفيز وأي فورد. وصيدلية أم العبد تنافس فارمسي ون ودواكم، مختبرات عوض فيرسيس بيولاب وميدلاب، بقالة الرخاء مقابل السيفوي، مقهى حسونة ضد ذَا كيك شوب، حُمُّص وفلافل الوطن بمواجهة أبو جبارة، توطن التنافس.

نمو البراندز الأردنية وتنافسها مع الأجنبي مؤشر إيجابي بالطبع، فهذه المنتجات البرجوازية الجديدة تمتاز بجودة عالية ومريحة وتعطيك إحساس مجمل بالأمان عند التعامل معها. لكن هذه السلاسل التجارية مازالت جزء من الدائرة الخبيثة. بيولاب وميدلاب مثلاً تم تأسيسهم من قبل متقاعدين عسكريين مستفيدين من الدعم الاجتماعي للجيش دوناً عن باقي الشعب. السيفوي إستثمار سعودي، والعديد من هذه المؤسسات جاءت بنقودها من الخارج. هي دعم للبرجوازية المتواطئة مع الاستعمار اذا بدنا مستخدم كلمات منتهية الصلاحية وفخمة بس مبنية ع نفس المبدء.

يتوجه الجمهور البرجوازي الذي يعد الجمهور العبدون-ي خير مثلاً عليه، إلى هذه السلاسل التجاري، والنقود تخشخش في جيوبهم، يدور مجمل رأس المال في فقاعة تمتد من كوفي بين دابوق إلى كوفي بين عبدون. وقد ترشح الفقاعة عدة أقراص معدنية تتزين بصور الحكام المختلفين في أوقات الخير كرمضان والعيد، لتصفية الضمير الذي تفوح منه رائحة الدوبل إسبرسو من كلمة حرام.

تنمو مدينتي نحو قطبان متنافران، ففي غياب رأس المال سيقدم محل التأني للدجاج المقلي دجاجة منتهية صلاحيتها، وسيبقى رواده بؤساء مثله.  مدينتي تكبر بسرعة، واقتنصها الواقفين على أول صف الرأس مالية. لن أكتب عن مراوع الرأس مالية فهي بديهية ومستنزفة، لكنني أشير إلى انمو الصراع الطبقي في الأردن، لم تعد أمريكا الممثل الوحيد للرأس مالية الفاحشة في بلادي، بل تكتلات الفور باي فوا التي لا تسع زقق شوارعنا.

 

إلى إنسان-تي في وقت الشاي

عزيزتي … إنساني،
انتي تعلمين أنني لا مقدرة لي على ضب المعلومات في مخزن دكانة عقلي، وذلك لعدة أسباب أهمها أنني لا أستطيع إدراك الأشياء إلا من خلال العالم الخارجي – وانتِ عكس ذلك بدرجة ٣٦٥ درجة بالطبع- لا أعلم إن تعد هذه الظاهرة مشكلة حقاً، فهي قد تكون أثراً لنشأتي في عالمٍ مليء بالشاشات والوحدة، أو بكل بساطة جزء من شخصيتي، أو إنفصام فلسفي. فأنا أعاني من صعوبة في إدراك حقيقة ما يجري حولي. ففي تلك اللحظة التي قلتي لي فيها عن إحتمال وجود شيء ما، بدوتي بعيدة جداً وإلى حد ما خيالية، خاصة مع إبتسامتك وشعرك المنسدل الذي يعكس القمر عندما يبتعد عّن الظل. قلتي لي وسمعتك، ولم تبدو الأخبار غريبة على مسمعي، كأنني كنت أشعر، وكم شعرت بإهمالي أنني لم أتعمق بما كنت أشعر، كأنما قلتي لي هذا الخبر في حياة مضت، وعلى ما يبدو أنني نسيته وباقي حقائق الوجود.

لكن وبهذه الحالة في ظل إستحالة إيراد خيار المشاركة اللفظية مع الغير ، ألجئ للكتابة، الإلكترونية منها على الأقل.

كنت أحياناً أفكر في نومك، أتخيل وحدتك في الليل، أعلم أن الموسيقى صديقتك في العتمة، لكنني أعلم ثقل الليل على القلب، وليتني ألعب بشعرك وأروي لكي القصص كي تنامي. وعندما تشعرين بالبعد عن تلك المخلوقات دافئة الدم ولاسعة الكلام الملقبة بالبشر مرري يداكي بشعرك بصفتك وكيلاً عني.

والألم مرهق لجسدك وروحك. وكم أعشق كلاهما.
دوماً قابلتي شكوكي بإيمانك بي حتى في أسوء لحظاتي، لم يؤمن بي أحداً مثلك قط. عزيزتي، لقد حرصتي على سلامة سلك الكهرباء الذي مد الأليات التي صنعتني بالطاقة.

مازلت في هذه اللحظة أحاول فهمك، لا تقلقي لن أقلق فقلبي مليء بحبٍ اتجاهك.

حلم يقظة لفتاة أثناء النوم

يرج الهاتف في منتصف الليل، فتهتز المنضدة التي تبدو بعيدة، ومع هذا تتسارع أنفاسها، إمكانية تواجد ذالك الاسم، هي سبب للقفزة.

أجد إسمك على الهاتف، فأرد من بين أحلامي، تتسارع نبضاتي، ويمتلئ الهواء حولي برائحة ‘شعر البنات’، ألوو، أسمع صوتك الذي -كما أذكر- يكون أثخن ليلاً. كيفك، سيكون الجواب الأمثل هو: جسدي مستاء من تعديك على راحته، وقلبي محتار حول مكانك، وإني أعبدك لأنني قد سمعت صوتك. كم أتلهف لكافة ‘لحظات الحرمان من الراحة’ التي ستحكم أنت علي بها، وأشعر بفرحك عندما تلحظ أنك أيقظتني يا قلبي. كم جميلة إبتسامتك، عزيزي عجيب، لا أستطيع تذكرها بدقة، إبتسم أمامي ولو مرة أخرى، أرجوك من قلبي . أذكر أخر ابتسامة رأيتها منك، أذار الماضي، تلتصق شفاهك وتفردان أنفسهم في لحيتك.

 لحظة أمان مطلقة، أوسع نطاق غطائي المزكرش، واستمع لصوتك، أنا هنا أنعم بأمن غرفتي المقدسة، وأنت على الخط الثاني كحرف توكيد لا تلفظ الكلمة بشكلٍ سوي من دونه.
سأتخيلك قربي قبل النوم، سألعب بشعري لأتخيل يداك تجريان فيه. سأتعبد بكل الأشياء التي تذكرني بك.

عّم بحلم كتير أخر فترة، موجة كوابيس للتماشى مع حر تموز الخانق، أبحث عنك، لقبلة شباط.

تصبح على وطن عزيزي عجيب، 

ذنب التواجد السلمي

من ملاحظ من أخر ما كتبت، وهو يبدو سخيفا بمعنى الكلمة ومثيراً للشفقة بعد ما قرءته وأنا صاحية، أنني لا أعاني من حياة درامية، لم أتمعن باللون الأحمر إلا في علب الكاتش أب، والمضخ يعمل بسرعة في منزلي عندما تشح الماء أثناء الاستحمام. إن تواجدي في غرفتي المقدسة هو نتاج صدف تاريخية وقرارات لرجال شنصت معهم، . لولا محض الصدفة، لولا قرر إبن سعود القبض على الحجاز لما تعاقد عبد الله مع البريطانين، لكان لعله وعسى ذهب وحرر سوريا وكانت عمان مازالت تابعة لنابلس. أو بعد وفاة عبد الله في الأقصى، لولا نجحت الجهود البريطانية مع موافقة البيروقراطية في الأردن، لكانت الأردن جزء من العراق. لولا سياسية أيزينهاور بدعم كل الدول ضد الاتحاد السوفيتي في الخمسينيات، لكانت الأردن قد كستها القومية العربية بعد ال٤٨ ويمكن كنّا مع مصر أو سوريا.


تصل دعايات الأمن والأمان إلى مرحلة من التقزيز في بلادي، لتسألك دوماً ذات السؤال، لو قالولك تبيع الوطن ولا نقتل ولادك، بتقول خدو الوطن واتركو ولادي (مأخوذة عّن أغنية). صح لو قاللوي سكري تمك ولا بتصيري لاجئة فوراً راح أنطم.

عزيزي المشترك، يتضمن بيع البلاد الموافقة على ما يلي ( مع التأكيد أن ما يلي عقد إذعان يا كلو يا مفيش)، تساعد بلدك أميركا بقصف العراق وتحط قواعد في أرضها ، تساعد في قصف سوريا، تمول قتل الفلسطنين. يا حوينتك يا الماغوط!

طبعاً واضح إنّو البروباغدنا صنعت بذكاء لا بلاهة، فهي ترسم منطقة اللعب وتقيدنا بها. السؤال بحد ذاته خطئ، وعقد الاذعان الناتج عنه مش ضروري.

على أي حال، ما هو دور صاحبة البيجاما المرقعة؟

أحياناً أصاب بهوس حول التخصص الذي سأقبل عليه، هل كان يجدر بي دراسة قانون إنساني دولي مع أنني اؤمن أنه ولغته من أكبر أجزاء المشكلة، هل كانت ستساعدني لغته الباردة التي تصنف أنواع التفجيرات وتحصي جثث لا أرواح وعمل الإن جي أوه بإغاثة الجمل بعصير زاكي.أم سياسة أمنية دولية، ذاك التخصص الذي درسه من خطط الحرب على ما يلقب بسذاجة مفرطة مثيرة للإشمئزاز ‘الإرهاب’ . هل كنت سأشاهد شيء ما؟ أم هل سأكتفي بالدراسة والفهم طيلة عّمري فقط كي أصل حادث سيارة يختم قصة حياتي بجملة ‘لا إله إلا الله’ .

 والله الموضوع مش منتج، بتستثمر بالفرد ٢٠-٢٣ سنة وبضل يشتغل ع حالو، وما بوصل كتير، ما بلحق الواحد تجميع معلومات ب١٠٠ سنة، بعدين بموت وبنعيد الكرة، لابد من إنّو الرب زهق منا بعد كل هل إعادات المفرطة.

تجميع المعلومات مهمة لطيفة ومريحة، لكنها أنانية زي غيرها. احساس دائم بالذنب واحتقار الذات. شو أعمل قدام ربنا، قدام نفسي يا شيخ!مشان أحكيلو/ها إني والله حاولت! ما نسيتهم، وما نسيت حالي بغرفتي المقدسة. حياتي ستزداد برجوازيتاً وأخاف أن أضيع في دهاليز التحكيم التجاري يوماً فهي مريحة وظليلة. دقيقة هذا ليس خوف محض وإنما ديستويبا لتحسبها لبداية فلم تقليدي عن الشيطان.

سحقاً للصدف التاريخية، سوريا والعراق وفلسطين أمن قلبي، وقلبي ليس إلا قطعة لحم عجيبة تصلح كجزء من تراكم جبال من الجثث والقطع البشرية

ليلة العيد

زمان كنتي تنظفي ب’ذمة’!

نعم ب’ذمة’ كنت أحاول مراعاة كافة تفاصيل غرفة الضيوف، فأمسح كل قطعة بدقة متناهية، متخيلة خالاتي يتغزلون بها اليوم التالي.

كنت أدرك بشكل عميق مدى قبح وبساطة غرفتنا مقارنةً بغرفتهم الواسعة، التي لا تخطئ مثاليتها. مازلت أحلم في كوابيس بها. لم يكن لدي قدرة على تحسين غرفتنا، لكنني كنت أحاول كل ليلة عيد أن أجعل غرفتنا تتميز بشيء واحد: خالية تماماً من الغبرة. لعل هذا يثير إعجاب خالتي ونصبح جزءاً متجانساً من المجموعة.

يأتي صباح العيد وانتظر بلا كلل لقدوم كلا من خاليي لزيارة تمتد ل 10 دقائق من القهوة والمعمول. لا يلحظون نظافة المنزل، ولا يضمني أحد إلى النقاش مالم أند بأنفي.

جوا وبرا

رأيت أحد أصدقائي – إن جاز التعبير – في ألم لم ألحظه من قبل، أحببته لألمه، كنت قد تمنيت البكاء معه، سماع قصته، تسخين حليبه، وتغطيته في السرير، أردت طمئنته وحبه. يا ألهي كم ذكرني بك،

لقد ذكرني صديقي اليوم بذاك الجانب من عقل كل من أعرف ومن عقله بالتحديد، كم منا نستسلم له بجنون؟ كلنا أصحاب مشاعر صغيرة مخبئة تحت شرشف الطاولة تسترق سماع الحياة من تحت الطاولة.

11:11

لأني مازلت أدعو الله كل ١١:١١ بوجع لذيذ، رباه أعده إلى المنزل.

جاءت ليلة القدر، وأنا لا أعرف عنها بكل صراحة، علمت عنها وأنا في تاكسي عائدة من حفلة مليئة بأغاني صباح فخري، والذكريات المتقطعة، وابتسامة تفري عضلات الوجه. بحق الرب ماذا كنّت أفعل هناك؟ وهل سأسلم على هؤلاء البشر بعد أشهر من الانقطاع عنهم، الأغلب نعم، فنحن بعد كل شيء رقصنا على أنغام صباح فخري معاً. لكنني أخاف أن أكون منهم أو نسخة عنهم. أخاف أن أكون بعبع نفسي.

انتهى رمضان تماشياً مع دعواتي، شهر طويل من المسائلات السطحية، حيث اضطررت لتحليل التوجهات الدينية لمن حولي بإستمرار حتى أفصل خطاب أرائي عن الصوم، ولماذا أصوم مع أنني أرقص على صباح فخري، ومازالت ملابس الصلاة الخاصة بي مقاس زهرة الإيمان.

لا اؤمن بصورية التقليد الرمضاني، لكنه جزء مني، وجزء جميل، وأدافع عنه بشراسة. أشتقت لله، والعزلة، إن إعتزال الناس رفاهية.

لم أسجل نشاطاتي أخر أكم أسبوع كسلاً مني، وقد نسيت الأن.

عّم بقرء كتاب عن واشنطن والمضحك المبكي هو أنني أتخيل أنني أستطيع النجاح فيها لو أردت. مصيبتي هي نارسيستي .. وحبي لك .. أو للفراغ.

جميعهم يقدسون قصصهم، وينظرون إلى أنفسهم من خلال مراية مكبرة. تقريباً كما أفعل الان على هذه الصفحة التي أروي لها أفكاري.

ما زلت أخاف من الظلمة، وكلما وجدت نفسي فيها أرى أنه من السهل الإنغماس في هواجس قد ينتج عنها إفراز لكيماويات  مرتبطة بالرعب في جسدي، الهدف من هذه المعلومة هو التنوية أنني لست متأكدة من شيء حتى من انعدام أفلام الرعب في الظلام،